من داخل لجنة نواب الاخصائيين:حكايتنا معهم من الألف إلي الهاء
-
- Member
- Posts: 32
- Joined: 19 Feb 2010, 11:51
- University & College: SudaMediCa
- Country & City: Khartoum
- Graduation Year: 1956
- Post-Graduation: Specialized in Serving Sudanese People
- Job Title (other): Neews Feeder
- Work Place: SudaMediCa
- Has thanked: 0
- Been thanked: 1 time
- Contact:
من داخل لجنة نواب الاخصائيين:حكايتنا معهم من الألف إلي الهاء
حكايتنا معهم من الألف إلى الهاء
كان الأطباء حتي منتصف السبعينات أو ما بعدها بقليل علي رأس الهيكل الراتبي للدولة ، بل كانوا خارج الهيكل الوظيفي لسائر الموظفين حيث كانوا يسمون بالكادر المميز ، نظراً لطبيعة عملهم المختلفة تماماً عن أية مهنة أخر ي من حيث تعاملها المباشر مع صحة الإنسان ، وعدم إرتباطها بساعات عمل محددة كسائر المهن الأخري ، إذ أن متوسط عمل ساعات الطبيب ( علي سبيل المثال : الأمتياز ونائب الأخصائي ) يبلغ حوالي 78 ساعة في الإسبوع ، في حين لا يتجاوز عمل أي موظف آخر 40 – 48 ساعة . في أواخر السبعينات تم إدخال الأطباء ضمن الهيكل الراتبي لسائر الموظفين ، وكانوا في البداية علي قمة هذا الهيكل ، ثم بدأ التدحرج حتي وصلوا إلي دركه الأسفل الذي يقبعون فيه حالياً ، حيث أضحي مرتب الطبيب يتراوح من 570 جنيه لطبيب الأمتياز إلي 900 جنيه للإخصائي في أكبر فضيحة لم يكتشفها الرأي العام إلا مؤخراً عقب سلسلة إضرابات الأطباء الأخيرة .
ومن دون الخوض في أسباب هذه المرتبات المخجلة – والتي يتحمل الأطباء دوراً كبيراً فيها بسكوتهم وصمتهم وربما خوفهم – فقد رفع الأطباء عام 2003 م مذكرة للسيد رئيس الجمهورية في هذا الخصوص إضافة إلي مطالبهم بخصوص العلاج والسكن والترحيل والتدريب وغيرها مما وفرته إتحادات ونقابات ( عدا التي تدعي تمثيل الأطباء ) لمنسوبيها ( المحامين والصحافيين علي وجه المثال ) ، فاستجاب سيادتهُ مشكوراً و وجه حينها بزيادات فورية تمت بعد مماطلة من وزارة المالية والصحة والتي وضح عدم إهتمامها بأوضاع منسوبيها رغم إهتمامها الجزئي بالمباني والآلات علي حساب الإنسان فتدهورت حالة المباني والمعدات ولم ينصلح حال الإنسان الذي هو أساس التنمية ، أما بخصوص التدريب فقد كان مسار الطبيب وإلى زمان ليس بالبعيد واضحاً ومعروفاً وكانت وظيفة الطبيب دائمة إذ يأتيه خبر إبتعاثه حسب أسبقيته وإن كان في أقاصي البلاد حيث ينال تدريباً وافياً وشهادات رفيعة من الخارج تؤهله لخدمة وطنه ومواطنيه بكفاءة وحرفية عاليتين . أضحي التدريب الخارجي الآن محصوراً علي نفرٍ معين ( قرابات ومعارف وعلاقات ) وليست له أسس واضحة .
أما حال التدريب الداخلي فلا يختلف كثيراً ، حيث تتغير السياسات والضوابط سنوياً بإختلاف الأشخاص المشرفين عليه مما خلق للدولة أزمات ( الدفعة 24 مثلاً ) ، وأضحي مجلس التخصصات جابياً همه جيوب النواب ( رسوم بطاقة دارس ، رسوم مكتبة ، رسوم إستخراج شهادة ، رسوم اطروحة ، رسوم شهادة خبرة ... إلخ ) ، أضف إلى ذلك غياب المدربين الأكفاء حيث يتم توزيعك إلي أخصائي كان معك قبل سنة متدرباً ، إضافة إلي عدم تواجد الأخصائيين المدربين معظم الوقت فأصبح المتدرب يتعلم من المتدرب الذي سبقه ولو بقليل .
أما عن حال المعدات والأجهزة وعموم التجهيزات التي يحتاجها المتدرب فلا دخل لمجلس التخصصات بها ، وإنما بعض إجتهادات الوزارة وبعض إدارات المستشفيات، تصيب حيناً وتخطئ أحاييناً ، وما ملف ما سُمي بتوطين العلاج بالداخل عنا ببعيد !!
سكت الأطباء كثيراً على أوضاعهم المزرية إلي أن بلغ بهم الحال أنهم لا يستطيعون إكمال منتصف الشهر أو أقل من ذلك بمرتبهم الضئيل وحوافز مستشفياتهم الفتات والتي هي أقل في أغلب الأحيان من حوافز الكوادر المساعدة ( الأدني منهم ) ، مما ألجأ الكثيرين للعمل الخاص حتي في زمن الدوام الرسمي ، وبزيارة واحدة لأي مستشفي فإنك لن تجد أغلب الأخصائيين ، بل وحتي النواب والعموميين وربما الإمتياز يتحينون الفرص للعمل في المراكز الصحية والمستشفيات الخاصة بإجور هي أيضاً زهيدة وتأتي علي حساب تحصيلهم العلمي وعلي حساب أجسادهم التي أضناها الجوع والسهر ، ولكنها بطبيعة الحال أفضل من الأجور الحكومية الأكثر ضآلة وزهادة . ومن الغرائب أن الطبيب وأسرته إذا مرضوا لا يعالجوا داخل أي مستشفي حكومي إلاّ كأي مواطن عادي وفي عنابر الدرجة الثالثة ، رغم ما يُزعم عن التأمين الصحي للأطباء وأُ سرِهم والذي لم يعد مطبقاً إلاّ في مستشفي شوامخ فقط علماً بأنها لا تحوي جميع التخصصات .
والحال هذه كان لابدّ للأطباء أن ينفضوا عنهم الغبار لأنهم أحسوا أنهم إلي تلاشٍ وزوالْ إذا استمر الحال علي ما هو عليه . فبدأت تحركاتهم عبر اللجنة الدائمة لنواب الأختصاصيين السودانيين التي تم إنتخابها من كل فرعٍ من فروع الطب وكان ذلك في إكتوبر 2009م ، بدأت اللجنة أعمالها بملف علاوة التدريب الموحدة التي صدرت بقرار من السيد رئيس الجمهورية في إكتوبر 2007 م ، علي أن يبدأ تطبيقها في يناير عام 2008م وكانت حينها تصرف عبر المجلس القومي للتدريب ، لكن وزارة الصحة ألحقتها بميزانيتها وهنا حدث الخلل الكبير حيث أن هذه العلاوة حسب منطوق القرار الجمهوري كان يجب أن تدرج في بند الأجور وتأتي مع أو قبل المرتب ، لكن الوزارة ماطلت وسوّفت حتي تراكمت المبالغ فأضحت الوزارة مدينة لكل نائب بما لا يقل عن 5000 جنيه ( خمسة آلاف جنيه ) ، وكلما راجعها النواب ردتهم بغليظ القول وسوء اللفظ والمعاملة مع منسوبيها حتي بلغ السيل الزُبي وأَعطي النواب مهلة لوزارة الصحة لسداد ديونهم عليها ، وانتهت المهلة ولم تف الوزارة كعادتها بوعدها ، فقام إضراب النواب الشهير والذي نُفذ بنسبة 100% ، وعندها بدأت الوزارة تصحو من غفوتها ، ووقعت مع النواب إتفاقية رعتها لجنة وساطة مكونة من د.يوسف الأمين عبدالقادر ( مهندس الوساطة ) كبير أخصائيي التخدير ، و ب.عثمان طه رئيس مجلس التخصصات الطبية ، و ب.زين العابدين كرار رئيس المجلس الطبي ، اشتملت علي سداد الوزارة لديون النواب عليها علي ثلاثة أقساط وزيادة حوافز المستشفيات ( العامة والنوبتجيات ) ، وتوظيف نواب الدفعة 24 ( وهؤلاء أمضوا أكثر من 7 أشهر يعملون دون مرتب ) وسداد متأخرات مرتباتهم .
وكذلك أن تسعي الوزارة لدي جهات الإختصاص العليا لمتابعة مذكرة النواب التي رفعوها للسيد رئيس الجمهورية في 17 يناير 2010م لتحسين أوضاع الأطباء ، والذي استجاب مشكوراً ووجه وزارة الصحة بإعداد تقرير متكامل لتحسين أجور وأوضاع الأطباء وكان ذلك في فبراير 2010م وقد شكلت وزيرة الصحة لجنة برئاسة وزير الدولة بالصحة بروفيسور حسن أبو عائشة وعضوية آخرين من ضمنهم ممثل لجنة النواب لتحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي وكان ذلك في 14 فبراير 2010م وحددت لها إسبوعين لرفع تقريرها . وكان أول إجتماع للجنة يوم 20 فبراير 2010م بعد أن بادرت لجنة النواب بتحريك هذا الملف وملاحقة الوزارة لعقد اجتماع اللجنة ، ثم بدأ التسويف والمطل حيث انتهي شهر فبراير دون أن ترفع اللجنة توصياتها .
وإلي شهر مارس وحتي السابع منه لم تجتمع اللجنة لتجهيز تقرير اللجان الفرعية التي أكملت إعداد التصور النهائي لتحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي بعد أن استمعت لآراء من أسمتهم بالخبراء ( الأمين العام – المجلس الأعلي للأجور وديوان شئون الخدمة ومستشارين من وزارة العمل ). وفي ذات الوقت نكصت الوزارة عن وعدها بسداد القسط الثاني من علاوة التدريب وكذلك وعدها بصرف العلاوة الشخصية مع المرتب للدفعات التي تصرفها بصورة منفصلة ، كل ذلك مقروناً بعدم رفع مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي لمجلس الوزارء أو لرئاسة الجمهورية حسب توصية وزيرة الصحة ومن قبل توجيه السيد رئيس الجمهورية ، أدّي ذلك إلي المزيد من عدم الثقة بين الأطباء ووزارة الصحة ، فدخل الأطباء جميعاً ( حيث أن المذكرة تشملهم كلهم بكافة قطاعاتهم ) في إضرابٍ آخر لمدة ثلاثة أيام ، ثم لمدة إسبوع ، ثم دخلوا في إضرابٍ مفتوح ، نشطت في أثنائه عدة وساطات كان من ضمنها لجنة أسمت نفسها مؤخراً لجنة الحكماء ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ) والتي لم يكتب لها التوفيق لأن طبيعة تكوينها كانت لا تسمح لها أن تمضي قُدماً في حل إشكالات كان العديد من أعضائها هم طرف في خلق تلكم الإشكالات وكان الآخرون ذوي نوايا حسنة لكن يفتقرون إلي الرؤية المتكاملة لحل المشكلة ، كان كل همهم رفع الإضراب ، لذا ماتت هذه اللجنة وعمرها لم يتجاوز ال 24 ساعة . ثم أتت لجنة أخري برئاسة ب.محمد سعيد الخليفة و د.زيدان عبده زيدان و د.الطيب العبيد و م.محمد الأمين و د.يونس وآخرين ، بدأت أعمالها بصورة جيّدة وأسهمت في تصحيح الكثير من المفاهيم الأمنية المغلوطة عن لجنة إضراب أطباء السودان ، ووصلت لجنة الإضراب معهم إلي كثير من النقاط المشتركة ، لكنها اصطدمت بجهات لا تريد ولا تسعي للحل بل تسعي للمزيد من التعقيد والتصعيد . ثم ظهرت مبادرتان في وقت متزامن : الأولى إبتدرها ب.عبدالله عبدالكريم جبريل رئيس إتحاد أطباء ولاية الجزيرة بما له من قبول وسط جموع الأطباء وبما يكنون له ويحفظون له من حسن سيرة وسلوك ، وقام بجمع لجنة الإضراب مع إتحاد الأطباء ومن ثم مع إتحاد نقابات عمال السودان ، وبعد مفاوضات مضنية توصل الطرفان لإتفاق يقضي بزيادة مرتب الطبيب بنسبة تتراوح ما بين 70 – 80 % من إجمالي المرتب ، وهي بالأرقام ( 680 جنيه للأخصائي ، 580 جنيه لنائب الأخصائي ، 680 جنيه للطبيب العمومي ، 430 جنيه لطبيب الإمتياز ) وقد أخطرنا حينها رئيس اتحاد نقابات عمال السودان ب.إبراهيم غندور بأن هذا الإلتزام شخصي منه ، وأنه قد حصل علي تفويض من رئاسة الدولة بالوصول إلي حل معنا ، وأن هنالك لجنة رباعية مكونة من الصحة والمالية وإتحاد العمال وجهة رابعة أجازت هذا المقترح ، علي أن يبدأ تطبيقه من أبريل 2010م كما أن رئيس إتحاد الأطباء ب.عبدالعظيم كبلو أخطرنا بأن المقترح ( في ذلك اليوم 31 مارس ) في طاولة نائب رئيس الجمهورية للإمضاء الأخير ، وأنه إذا لم يزد عن تلك النسب فإنه لن ينقص عنها !!! علماً بأن هذه الأرقام لا تعادل إلاّ 20 % مما طالبنا به في مذكرتنا لتحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي .
أما المبادرة الثانية فكانت عبر لجنة الجهود الخيّرة والتي ضمت عدداً من الشخصيات القومية برئاسة ب.سليمان صالح فضيل ( العَلَم المعروف ) وعضوية ب.حسين سليمان أبوصالح وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب وحدة وادي النيل ، و ب.الطيب حاج عطيّة ( الأستاذ بجامعة الخرطوم ) ، و ب.عبدالله إدريس عميد كلية القانون بجامعة النيلين ، و ب.علي شمّو الإعلامي المعروف ، و أ.محجوب محمد صالح الصحفي المعروف صاحب الأيام ، وقد توصلنا معها في لجنة الإضراب إلي إتفاق ( راجع نصه ) قضي برفع الإضراب ورفع ماترتب عليه من كل العقوبات ، ثم إجازة مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي علي مستوي الوزارة فوراً ورفعها لمجلس الوزراء للإجازة النهائية علي أن تطبق بأسرع ما يتيسر . وكذلك تناولت المبادرة موضوع علاج الأطباء وأسرهم وحماية الأطباء وتأهيل وصيانة الميزات وتهيئة بيئة العمل والتدريب ، ومتابعة تنفيذ اتفاق وزارة الصحة السابق مع النواب ، ووضع تصور للوظيفة الدائمة للطبيب أُسوة بزملائه من فروع الخدمة المدنية الأخرى ، ومتابعة وضع الأطباء بالتعليم العالي والإهتمام بالتدريب الداخلي والخارجي .
بناءً علي هاتين المبادرتين قررت لجنة إضراب أطباء السودان رفع الإضراب فوراً وكان ذلك في مساء الأربعاء 31 مارس 2010م في مشهد تاريخي غير مسبوق قديماً ولا حديثاً محضور من معظم أعضاء المبادرتين وبشهود معظم الأطباء والرأي العام .
وبعد رفع الإضراب اجتمعت لجنة تحسين شروط الخدمة للعاملين بالحقل الصحي برئاسة ب.حسن أبو عائشة بتاريخ 4 أبريل 2010م وأجازت المذكرة – في أجواء ودّية بعد حذف البنود التي تمت إجازتها سلفاً ضمن اتفاق اتحاد نقابات العمال واتحاد الأطباء منعاً للتكرار الذي قد يؤدي للإلتباس لدي الجهات المختصة ، وكان يفترض بعدها أن ترفع الوزيرة المذكرة لمجلس الوزراء . ومضي شهر ابريل 2010م ووزارة الصحة تؤكد علي أنها ملتزمة بالإتفاقين ، بل وذهب وكيل الوزارة إلي أن إلتزام اتحاد العمال كان في مكتبه وأنه هو الذي كتبه ، وامتلأت الصحف بالبشارات بإتفاق لم نكن راضين عنه إلاّ أننا رأينا فيه بداية لتصحيح أوضاعنا كأطباء إلي حين أن تجاز مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي التي أجازها ب.أبوعائشة ولجنته ولكن ... آه من لكن !!
أتي شهر مايو 2010م موعد تنفيذ الإتفاق الأول مع اتحاد العمال واتحاد الأطباء بالأرقام المذكورة آنفاً ، وللأسف لم يتصل بنا أحد ليوضح لنا لماذا لم ينزل المرتب كما ذكروا هم ( للعلم فإن الأرقام الواردة في اتفاق اتحاد العمال هم الذين كتبوها وأقروها ولسنا نحن في لجنة الإضراب ) ، ونظراً لإحساسنا بمسئوليتنا تجاه الأطباء وتجنباً لأي مواجهة أو تصعيد قد يؤدي لأضرار بالغة في الحقل الصحي فقد بادرنا نحن بالإتصال بهم سواء في إتحاد الأطباء أو إتحاد العمال ، أو حتي لجنة الجهود الخيرة ، وكان إتحاد الأطباء والعمال يؤكدون أن المسألة مسألة زمن وأنهم ملتزمون بالإتفاق ، واطلعنا علي مكاتبات بين وكيل الصحة والمالية ومجلس الوزراء بنفس الأرقام التي وردت في الإتفاق . فوجئنا كما فوجئ الكثيرين في منتصف مايو برئيس إتحاد الأطباء يعطي بشارات بمكاسب كبيرة للأطباء علي صفحات الجرائد ، وأخطرونا بعدها بيوم بإجتماع يضم رئيس إتحاد نقابات عمال السودان ورئيس إتحاد الأطباء وأعضاء آخرين من الإتحاد . فوجئنا بالأرقام التي ذكروها وقالوا أن المالية رفضت أن تعطيهم ما اتفقوا معنا عليه ، علماً بأن حديثهم السابق كان عن أنهم أخذوا ضوءاً أخضراً في كل البنود والأرقام التي أتونا بها من قبل ، والأرقام التي أتونا بها في الإجتماع كانت الآتي :
1) الأخصائي : 150 جنيه فقط عبارة عن بدل وجبة ، أما علاوة المؤهل فلم تصادق وزارة المالية عليها حسب ما قالوا وأن الوكيل سيعطيها لهم كحافز بالمستشفي .
2) النائب : 150 جنيه بدل وجبة ، 300 جنيه منحة دراسية ، ليصبح مجموع ما يتقاضاه النائب 450 جنيه .
3) العمومي : 150 جنيه بدل وجبة ، 500 جنيه خدمة ريفية للأطباء العاملين بالريف فقط ، رغم أن الإتفاق كان أن تشمل هذه العلاوة كل الأطباء العموميين .
4) الإمتياز : 150 جنيه بدل وجبة ، 250 جنيه مكافأة تدريب أي المجموع 400 جنيه
وهنا وضح التنصل التام عن الإتفاق الذي شهد عليه الرأي العام وكل الأطباء والمواطنين .
وإلي هنا لم تنته القصة فقد نشر السيد رئيس اتحاد الأطباء أرقاماً مغايرة في صبيحة اليوم التالي للقائنا معه فأعلن عن أن الزيادة هي للإمتياز 300 جنيه وللعمومي 310 جنيه ولنائب الإخصائي 402 جنيه وللأخصائي 500 جنيه ( عبارة عن حافز يصرف من المستشفي ) وفي هذا خداع واضح للأخصائيين فهذه الـ 500 جنيه وردت بعد إتفاق الوزارة السابق مع النواب وحينها حددت الوزارة الحد الأدني لحافز الأخصائي بالمستشفي بـ 500 جنيه ، وحتي هذه لم تصرفها المستشفيات للأخصائيين وكررتها الوزارة الآن كأنها أتت بجديد ، وهذه عادة الوزارة في خداع وتضليل الرأي العام ، بل وحتي تضليل الأطباء وخصوصاً الأخصائيين .
وبعد يوم آخر أعلن رئيس إتحاد الأطباء أن بدل الوجبه هو 60 جنيه فقط رغم من أنه ذكر قبل يومين أنه 150 جنيه . أسفي عليك يا كبلو ، والله إني لأرثي لحالك بدلا من أن أنقم عليه !! وهكذا أصبحت زيادات الأطباء مقدارها ألعوبة في يد كبلو ، بل الحقيقة في يد من وراءه لأنه اتضح تماماً أنه لايملك شيئاً ، ولو كان يحترم نفسه ومكانته لقدم استقالته إحتجاجاً علي نقض الإتفاق الذي وقعه معه أولياء نعمته.وكما أسلفنا فقد كان الإتفاق يقضي بأن يتم تنفيذ المرتب الجديد اعتباراً من أبريل 2010م ، لكنهم قالوا أنه سيتم اعتباراً من مايو 2010م وأن المالية رفضت طلبهم في هذا الخصوص .
وكأن المالية أصبحت إله السودان الأعلي !!
أو أن وزيرها هو قارون هذا العصر !!
أما مذكرة د.أبوعائشة فلم يعد يُعرف مصيرها ، فإن كان هذا مصير الإتفاق الصغير الضئيل الذي لا يتجاوز ال 20% من مطالب الأطباء فياتري ماذا سيكون مصير مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي ؟.
والحالة هذه فقد اتجه الأطباء واجتهدوا في أن يوصلوا هذه الحقائق كاملة غير منقوصة للسيد رئيس الجمهورية ولقادة المجتمع ورموزه ولعموم المواطنين أملاً في الوصول إلي وضع يحقق العدل والإنصاف لهذه الفئة التي أعطت وما استبقت شيئاً .
وستسلك قبيلة الأطباء كل المسالك التي من شأنها أن تعيد الحق لأهله بكل ما يمكن أن تعنيه تلك المسالك .
سأضرب في طول البلاد وعرضها أنال مرادي أو أموت غريباً
وإن تلفت نفسي فلله درها وأن سلمت كان الوصول قريباً
ومن الغرائب التي نهديها لكبلو ما علمناه عبر الصحف أن نقابة العاملين بوزارة التخطيط العمراني والبني التحتية قد إفتتحت مستشفي لعلاج العاملين في الوزارة وأسرهم يسمي (مستشفى التروية ) لا أدري إن كان كبلو قد سمع بتلكم النقابة ومستشفاها أو ربما كان هو أحد الأخصائيين الذين يعملون به ..
لا أدري ماذا أقول لك يا كبلو غير : سحقاً ، سحقاً ، سحقاً ، تباً لك تباً كذاك الذي لإبي لهب .
مفارقة :
نسيت أن أشير إلي المفارقات في أجور الأطباء التابعين لوزارة الصحة مقارنة برصفائهم في الأمن والجيش والشرطة وليس خارج البلاد يا عبدالرحمن الخضر .
مخصصات الطبيب :-
1) السلاح الطبي : تتراوح من 2000 جنيه – 5000 جنيه .
2) الشرطة : 2000 جنيه – 5000 جنيه .
3) مستشفي الأمل الوطني التابع لجهاز الأمن : 2000 جنيه – 6000 جنيه .
إضافة للإمتيازات الأخري حيث السكن والعربات والمواد التموينية وغيرها .
4) وزارة الصحة : ( أخرجها الله من وهدتها ) : 570 جنيه – 900 جنيه .
أي أن يوم الطبيب في وزارة الصحة يتراوح ما بين 15 – 30 جنيه ( أي أن عامل اليومية دخله أعلي من طبيب وزارة الصحة ) و الخادمة في المنزل لا ترضي بمرتب الطبيب علي قول د.كمال عبدالقادر وكيل وزارة الصحة .
أخيراً أشير إلي أن هذه هي حكايتنا معهم من الألف إلي الهاء وليس الياء ولبقية الأحرف حكاية نرويها قريباً إن شاء الله .
( والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
وليحقنّ الله الحق ولو بعد حين .
د.أحمد عبدالله خلف الله
-
- Member
- Posts: 32
- Joined: 19 Feb 2010, 11:51
- University & College: SudaMediCa
- Country & City: Khartoum
- Graduation Year: 1956
- Post-Graduation: Specialized in Serving Sudanese People
- Job Title (other): Neews Feeder
- Work Place: SudaMediCa
- Has thanked: 0
- Been thanked: 1 time
- Contact:
Re: من داخل لجنة نواب الاخصائيين:حكايتنا معهم من الألف إلي ا
من الهاء إلي الياء:حكايةُ تطول
الرهائن الستة
أطباء ودوله: من اعتقل من؟
توقفنا في المرة السابقة عند نقض الجهات الحكومية للاتفاق الذي تم بين لجنة الأطباء وإتحاد العمال وإتحاد الأطباء, وتحدثنا عن أن التنصل كان من حيث الأرقام التي انخفضت بنسبة40% للنواب والامتياز وبنسبة100% للأخصائيين والعموميين والذين كان نصيبهم من الزيادة صفراً.
وكذلك كان التنصل في أوان التنفيذ وجهته ,حيث قضى الاتفاق بشهر أبريل وعدلوا عنه إلي مايو,وكان الاتفاق أيضاً بأن يكون الصرف عبر وزارة الصحة ففوجئ الأطباء بتحويله إلي المستشفيات التابعة لوزارة الصحة مما قضى بألا يشمل الصرف من يعملون في مستشفيات أخرى كالسلاح الطبي والشرطة وسوبا على سبيل المثال علماً بأنهم من منسوبي وزارة الصحة.
و كان في ذلك خرق واضح ليس للاتفاق الذي تم معنا وحسب,بل حتى لمنطوق القرار الجمهوري الذي نص بوضوح لالبس فيه على أن تشمل المنحة جميع النواب وجميع أطباء الامتياز(راجع نص القرار).
وقد أتضح إن الوزارة تأخرت كثيراً في رفع توصيات الاتفاق لرئاسة الجمهورية (لاحظ أن القرار الجمهوري صدر يوم 29 مايو) ,نظراً لرأيها الذي كان همساً ثم استحال جهراً في أنها لم تكن طرفاً في اتفاق غندور ,بل سعت جاهدةً لإيقاف تنفيذه بحجة أنه لم يمر عبرها, ويذكر الناس في ذلك الحين ماشاع عن استقالة وكيل وزارة الصحة ثم عدوله عنها.
وبعدها لجأت الوزارة لحيلة أخرى لعرقلة تنفيذ الاتفاق بأرقامه الأولى فألحقت تكلفه تضم بقية العاملين بالحقل الصحي لم يكن هدفها رفع مستواهم المعيشي فهي لا تتجاوز ال20جنيهاً لكل واحد منهم ولكن لأن عددهم كبير فقد تضخم المبلغ المرفوع لوزارة المالية لعرقلة مسعى تحسين وضع الأطباء, وكذلك لم تكن أرقام الوزارة دقيقه فيما يخص أعداد الأطباء (راجع مكاتبات وكيل الصحة مع وزارتي المالية ومجلس الوزراء) فتارةً تجد عدد النواب3000 وأخرى3500,وغيرها مما هو متاح للإطلاع عليه لمن أراد أن يفهم أو أن يكتب على بصيرة لا على هوى أو تحت تأثير الدعاية الكاذبة والمراء الأجوف !.
ومع ذلك لم تحدث أي زيادة للعاملين بالحقل الصحي وفي ذات الوقت تم تقليل زيادات الأطباء !!! وهكذا نقض الاتفاق كما توقع الكثيرين لحظة رفع الإضراب السابق (أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم).
وكانت كل المؤشرات تدل على أن الأمور مع هؤلاء قد وصلت إلى طريق مسدود وأن الوضع سينفجر . ووضح أن من يمثلون الحكومة قد رضوا حينها بالاتفاق الغندوري تكتيكياً لحين عبور مرحلة الانتخابات (وهذه سمعناه من بعضهم) وفى فهمهم السقيم أن الأطباء لن تقوم لهم قائمه بعد الفوز الكاسح !!.
وهنا لطيفه ,حيث أن بعض المسؤلين كانوا يرمون لجنة الأطباء بأنها سياسية وإن كانت هذه في رأيي ليست تهمه, لكنها من الحيل التي حاولوا بها أن يحيدوا بعض الأطباء لينفضوا عن اللجنة,ولكن خاب ظنهم إذ ازداد تماسك الأطباء والتفافهم حول لجنتهم كالبنيان المرصوص, وأدرك الناس جميعاً من الذي يستخدم السياسة بعيداً عن الدين وبعيداً عن الأخلاق والأعراف الإنسانية.
رمونا بالسياسة وكأن المؤتمر الوطني الذي ينتمون إليه جمعيه تعاونيه هدفها توفير السكر والزيت عبر البطاقة التموينية !.
ومابين الإضراب ونقض الاتفاق قامت اللجنة بحركة وأسعه وسط قيادات الدولة والمجتمع المدني وحتى الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية سيما تلك ألقريبه من الحكومة وكذلك الطرق الصوفية وغيرهم ممن ظننا أنه
يمكن أن يسمع لهم رأي لدى الحكومة مملكةً لهم كل ملفات الأزمة, كما تم إخطار لجنة الجهود الخيرة .
وكان الاجتماع الذي سبق أن أشرت إليه في المقال السابق بيننا وإتحاد العمال وإتحاد الأطباء مفصلياً حيث أوضح فيه غندور الأرقام (التي ذكرت سابقاً تناقصها 3مرات في ظرف 3 أيام). وقال أنه لم يأت الآن ليفاوض كما كان في السابق (أي قبل الانتخابات) إنما هو هنا فقط ليخبرنا بها وقال بالحرف الواحد(take it or leave it) .
وأخطرناه ومن معه أننا سننقل مانكصوا عنه وأتوا به إلى قواعدنا, ولكن مبدئياً ليكن معلوماً لديهم أن هذه الأرقام مرفوضة ولايمكن لعاقل أن يقبل بها بعد كل هذه المجاهدات والمفاوضات, وإن التهديد بالاستفراد بالأطباء بعد الانتخابات لن يجدي مع قوم ليس لديهم ما يخسرونه, وقد يئسوا تماماً من هذا الواقع المهين المزري.
وأعلنا بعد ذلك لجمعيه عمومية يوم 19/5/2010م ثم أجلناها إلى يوم2/6/2010م لنرى ماذا سيفعل القوم حتى نهاية مايو وهل سيوفون حتى بأرقامهم الناقصة ؟.وبعد طول انتظار أنزلوا الزيادات المنقوصة للنواب فقط وفي بعض المستشفيات لا كلها.ولم تفق الجهات المعنية إلا قبل ميعاد الجمعية العمومية بأربعة أيام نشطت فيها الجمعية الطبية السودانية من خلال نفر مخلص من الأخصائيين بجهود حثيثة,حيث جمعتنا معهم لقاءات عديدة أوضحنا فيها تسلسل الاتفاقيات وأننا لم يعد لدينا مجال للتنازل إلا إذا كنا نقبل بالسياسة الإسرائيلية مع الفلسطينيين حيث يتم الاتفاق على شيء ثم يتم التفاوض لانتقاص ذلك الشيء , وأن القضية واضحة لالبس فيها وانه على اتحاد العمال واتحاد الأطباء الإدلاء بشهادتهم أمام الرأي العام حول الطرف الذي عرقل الاتفاق ولم يلتزم به سواء كان ذلك الطرف لجنة الأطباء أم الحكومة ومن يمثلها, ولكن من يجرؤ على الكلام؟.
وكان رأي الغالبية من أعضاء الجمعية الطبية أن اتفاق غندور يجب أن ينفذ كما هو وأن لجنة الأطباء محقه في التمسك بتنفيذه , وانه لابد من لقاء الجهات العليا ومخاطبتها في الأمر , وبعضهم طلب تأجيل الجمعية العمومية فأوضحنا لهم أنهنا تأجلت عن موعدها السابق , وأنه لا تلوح في الأفق بوادر إيجابية تقضي بتأجيلها , وأنها أي الجمعية العمومية هي صاحبة الحق في اتخاذ متراه مناسباً حيال نقض اتفاقها , وأن فترة ال 72 ساعة المتبقية على الجمعية كافيه للقاء الجهات العليا ولرد الظالم عن ظلمه وإلزام من عاهد بعهده, حتى وإن تأخر التنفيذ فليست لدينا مشكله,المهم عندنا أن يثبت حق الأطباء كما ورد في اتفاق غندور.
وأتضح لنا لاحقاً أنه قد حيل بينهم وبين الجهات العليا , ولا يحتاج القارئ لكثير ذكاء ليعلم من كان وراء ذلك.
المهم أن ما دار بيننا والجمعية الطبية بحضور أعضاء إتحاد الأطباء نقل بحذافيره للجهات الامنيه (وأيضا لا يحتاج احد إلى قليل ذكاء ليعلموا من قام بذلك).
استقر رأي الرهط ممن ولوا أمرنا (وياللمهزله)على حسم الأطباء أمنياً بعد فشل الوزارة في التعامل مع منسوبيها وذلك بعد أن زيّن لهم شيطان رأيهم أن ذلك سيمنع قيام الجمعية العمومية للأطباء وبالتالي سيمنع الإضراب الذي بدا خوف الجهات الناقضة للاتفاق منه واضحاً للعيان.
اجتمع من تولى كِبر هذا الأمر مع بعض الأطباء وصوروا لهم الآمر على أنهم لن يسمحوا بالإضراب القادم وأنه ضد الإنقاذ , وأنهم سيكسرون الجماجم كما كسروا آخرين من قبل وأن هؤلاء (العواليق) لن نعطيهم قرشاً واحداً !! لاحظ للغة لكن لا تعجب ,فكل إناء بمافيه ينضح!.
والحق يقال فقد قام نفرٌ من أطباء الحركة الاسلاميه بالمؤتمر الوطني وقالوا كلمة الحق في وجوههم فتم إسكاتهم, وسدر القوم في غيبهم وقال قائلهم أنهم سيعودون إلى عصر الحرجل والقرض ولن يحتاجوا إلى الأطباء ! ونسى سيادته أن معدته وأمعاءه ما عادت هي ذاتها التي كانت قبل واحد وعشرين عاماً إلا لما كانت تسممت من لبن الإبل في مخيم البطانة الشهير ناهيك عن أن تحتمل القرض والحرجل !!.
بعد ذلك تم اعتقال د. ولاء الدين ود.الهادي بخيت لفتره قصيرة ظهر يوم 1/6/2010م ثم أعيد إعتقال د.الهادي وفي مساء ذات اليوم تم اعتقال رئيس اللجنة د.أحمد ألأبوابي من منزله بعد يوم واحد من حديثه القوي في اجتماع اللجنة مع الجمعية الطبية بدار إتحاد الأطباء !.
وحتى ماقبل اعتقال ألأبوابي كانت خطة اللجنة للإضراب (والتي لم تكن معروفه للجهات الأخرى) أن يكون ثلاثة أيام من كل أسبوع لحين تنفيذ الاتفاق.
ولكن تغيرت الحسابات بعد اعتقال د.الهادي بخيت و د. الأبوابي.حيث اجتمعت الجمعية العموميه للأطباء بميز الخرطوم ثم بمستشفى الخرطوم حيث تمت فيه مخاطبة الجموع الغاضبة وتم الإعلان فيها عن إضراب مفتوح لا يرجع لخطته الأولى إلا بعد إطلاق سراح المعتقلين (رغم تحفظ بعض أعضاء اللجنه) إلا أن رأي الغالبيه كان أمضى.
واكتملت التعبئة بعد أن تحرك الأطباء إلى مجلس التخصصات وتمت فيه أيضاً مخاطبة كبرى وبعدها إتجه الأطباء للخروج من المجلس باتجاه مستشفى الخرطوم فووجهوا بإعتداء الشرطة عليهم بقيادة عقيد بعد أن أعطتهم الشرطة الأمان , فشهد شارع الحوادث وبوابة مستشفى الخرطوم أبشع صور الهمجية والبربرية في مواجهة الأطباء والطبيبات العُزل من أي سلاح سوى إيمانهم بالله وعدالة قضيتهم.
وبعد كل هذه الجراحات اقيمت مخاطبه أخرى داخل مستشفى الخرطوم تم التأكيد فيها على الإضراب الشامل حيث اتحدت كلمة الأطباء جميعاً حتى من كانوا مترددين بعد مشاهدتهم للإعتداءآت التي أصابت زملاءهم وزميلاتهم,وتم اعتقال عدد من الأطباء اقتيدوا إلي حراسات الشرطة وأفرج عنهم بعد حين.وتم بعدها اعتقال د.أشرف حماد من قبل القوات الأمنية وهو في طريقه لميز مستشفى الخرطوم, بعدها أخلى الأطباء مرغمين أماكن عملهم التي لم تعد آمنه في وقت قياسي أصاب القوم بالصدمة والحيرة, ولا أدري لماذا لم يهتدي صاحب القرض والحرجل حينها لأن يأتي بالعشابين ليغطوا الحوادث وخصوصاً حوادث الجراحة والنساء والتوليد, ليريحوه من قضية الأطباء والصداع الذي سببوه له.
ومن ثم تم حصار ميز الأطباء بقوات الأمن والشرطة, وضُيّق الخناق على جميع الأطباء وخصوصاً أعضاء لجنة الأطباء الذين أضحوا مطلوباً القبض عليهم لا لجرم جنوه ولا لمال عام سرقوه أو بددوه أواكتنزوه ولكن فقط لتصدرهم مطالبة الأطباء للدولة بتنفيذ ما أقره وكتبه ممثلوها بأيديهم(غلت أيديهم).
ومضى الأطباء لوحدهم في الساحة يقاومون كل هذا الصلف والجبروت.
ودعت اللجنة إلى اعتصام بوزارة الصحة لمحاصرة الوكيل في عقر داره حتى يتم إطلاق سراح المعتقلين وتنفيذ الاتفاق وكان ذلك يوم 6/6/2010م, ومن المضحك أن الوزارة بخيلها وخيلائها قد ارتعدت فرائصها من ذلك الاعتصام فأحاطت نفسها بالشرطة ومنعت دخول الناس إليها حتى موظفيها الذين استمتعوا بعطله سعيدة ذلك اليوم, ولكن اللجنة كانت أكثر ذكاءً حيث تم تحويل المكان إلى مستشفى الخرطوم فقامت مخاطبه كبرى وسط حشد كبير من الأطباء والطبيبات اللائي لم ترهبهن مشاهد الثلاثاء الدامية.
و بعد المخاطبة مباشره تم اعتقال دكتور محمود خير الله بعد مطاردته ودكتورة ناهد محمد الحسن.لكن ذلك لم يزد الأطباء إلا مزيدا من العزم والتصميم على المُضي في طريقهم.
رغم الخذلان من بعض الأسماء التي كان البعض يعُدها كبيرة فصغرت بصغر مواقفها وجبنها عن الصدع بكلمة الحق وقول شهادتها على الملأ. وبالمقابل ظهر آخرون من أبناء الجمعية الطبية السودانية ووقفوا مع إخوانهم وأبنائهم في لجنة الأطباء ويذلوا جهوداً وإتصالآت حثيثة كانت تصطدم بتعنت الطرف الآخر وصلفه وكبريائه الكذوب الذي مُرغ في التراب, منهم على سبيل المثال لا الحصر د.بابكر جابر كبلو ,بروف عمار الطاهر,د.الطيب العبيد,د.عبدا لله عبدا لكريم جبريل,د.أنوار الكردفانى,د.أبو بكر بشير, د.صلاح هارون ,د.عبالله محجوب, د.إلهام فتح العليم ,د.عبد المنعم الطيب ,د.يوسف الأمين ,د.أحمد السيد ود.صلاح عبد الرازق وغيرهم ممن لم تحضرني أسماؤهم (حسبهم أن يذكروا عند ربهم) , و لا ننسى أساتذة الطب بجامعة الخرطوم ومستشفى سوبا وعلى رأسهم د.سليمان حسين ود.سمير شاهين وغيرهم , لاعليهم إن جاءت النتائج بما يشتهون أو عكس ذلك فحسبهم أنهم يذلوا جهدهم (وعلى الله قصد السبيل).
وبالمقابل ظهرت أصوات كذوب من بعض المنتسبين للحقل الصحي المحسوبين على الأطباء حاولت تضليل قيادات الدولة والرأي العام بعدم تأثير الإضراب و أنهم قادرون على تغطيته, بل إن منهم من أعلن مراراً رفع الإضراب كأنه عمامة يرفعها من فوق رأسه ! ولكن وضح كذبهم وانكشفت سؤتهم, حيث علم المواطنون جميعاً ما حدث في المستشفيات في تلك الفترة التي هرب فيها المرضى من المستشفيات ولم يعد يقصدها إلا أشد المضطرين , تلك الفترة التي شهدت تساقط الأخصائيين الذين أُتي بهم لتغطية الحوادث والمناوبات, فكثرت حالات الإغماء والهبوط للكثيرين ممن طال عهدهم بالحوادث ومناوبتها (لكم الله إخوتي النواب وأطباء الإمتياز) ما علينا ,فقد تواصل الإضراب بقوه وتواصل أيضاً التضييق الأمني الغير مبرر من دوله بأكملها بقضها وقضيضها ضد أطبائها العزل.
فتم اعتقال الأخ د.عبدا لعزيز على جامع اختصاصي علم الأمراض , ورغم أن اعتقاله قد شق علينا في اللجنة كونه من الأخصائيين القلائل الذين علا صوتهم معنا بالحق حين خفضت أصوات الكثيرين, تمنينا لوا فتديناه ولو بمجموعة منا نحن النواب والعموميين والامتياز والطلبة :
فليتها إذ فدت عمراً بخارجةٍ فدت علياً بمن شاءت من البشر
ولكنها أقدار الرجال الذين تحملوا المسؤليه في هذا الزمان الصعب, فمن الناس من يحملون عبء الحياة وهمها ومنهم من تحمل الحياة عبأهم وهمهم,! فتخير من تكون.
أقول رغم ذلك فقد واصلنا في اللجنة مسيرتنا في قيادة دفة الأطباء وتمت ترتيبات داخل اللجنة استعدادا لتلك المرحلة العصيبة التي توقعنا أن يطال الاعتقال جميع أعضاء اللجنة, وبالفعل بعد يومين من اعتقال د.عبدالعزيز تم اعتقال د. أحمد عبدا لله خلف الله الذي كان تولى قيادة التفاوض بعد اعتقال الثلاثة (أبوابي, الهادي وعبد العزيز).
كان واضحاً أن أماكن التفاوض كان عبارة عن كمائن يتم فيها رصد ومطاردة أعضاء اللجنة ثم اعتقالهم لاحقاً , ولكن واجب المسؤليه كان يحتم على أعضاء اللجنة الذهاب إلى أي لقاء قد يسفر عنه إحقاق الحق مهما كانت محاذير ذلكم اللقاء.
مشيناها خطىً كُتبت علينا ومن كتبت عليه خطىً مشاها
وباعتقال د.أحمد عبدا لله خلف الله وصل عدد الأطباء المعتقلين إلى ستة أطباء ,أربعه منهم وضعوا في سجن كوبر , واثنان في مبنى الإدارة السياسية , مع ملاحظة أن الذين كانوا في كوبر لم يوضعوا في المعتقلات المخصصة للسياسيين حيث كان الفارق كبيراً بين معتقل ألأبوابي ومعتقل الترابي !!.
في خضم هذه الأحداث نشطت وسلطات ومبادرات عديدة استشعرت خطورة الوضع على الوطن والمواطن وعلى مستقبل مهنة الطب بالبلاد ,لكنها كالعادة كانت تواجه بتعنت من يملك منطق القوه لا قوة المنطق.
من ضمن تلك المبادرات ما بلغنا عن تحرك رعاه د.غازي صلاح الدين فقلت إن يكن في القوم عقل ورشد يطيعوه , فهو من وجهة نظري الشخصية من القلائل في صف الحكومة الذين أُحس فيهم بعضاً من نفس وسمت الإسلاميين القدامى من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه..فمنهم من قضى نحبه (وهؤلاء هم الأكثرية) ومنهم من ينتظر , وهؤلاء كما قال الأُول :
وقد كانوا إذا عُدوا قليلاً ً فقد صاروا أقلّ من القليل
تمنيت أن يأتي الحل الذي يقتضني تنفيذ الاتفاق بحذافيره على يديه لكن ما عسانا أن نفعل في بلد تسود فيه لغة السلخانات وقاع المدينة على لغة الدين والعقل والمنطق !!.
ثم كاد أن يصل الناس لإنفاق عبر الجمعية الطبية السودانية ولجنه من بعض أساتذة جامعة الخرطوم ومستشفى سوبا وضابط من الأمن برتبة اللواء (راجع نص الاتفاق ) كان من ضمن بنوده أن يتزامن رفع الإضراب مع إطلاق سراح المعتقلين , ورفعت لجنة الأطباء الإضراب وانتظرت الجموع إطلاق سراح المعتقلين دون جدوى فأعلن عن الإضراب مره أخرى وعادت الأزمة للمربع الأول.
وأضحى الأطباء المعتقلون (الستة) ورقه تساوم بها الجهات الرسمية الأطباء ولجنتهم لعلمها بأن الأطباء لن يتركوا إخوانهم المعتقلين ليدفعوا الثمن وحدهم , فسعوا لأن يكون المعتقلون كرت ضغط على الأطباء ليتنازلوا عن مطالبهم ويصبح كل همهم إطلاق سراح إخوانهم, فأصبح أصدق توصيف لحال المعتقلين لدي جهات الأمن أنهم ( رهائن ).
وكنت إلى وقت قريب أعتقد أن سلوكاً كهذا أجدر بالعصابات وقطاع الطرق لا الدول والحكومات, لكني ربما احتجت أن أراجع اعتقادي هذا!.
مضى الإضراب حتى مغيب شمس يوم الأربعاء 23/6/2010م حيث تم تدخل من وزير الصحة ووزير الدولة الجديدين وبوساطة من الجمعية الطبية التي عملت كوسيط بين الوزارة ولجنة الأطباء وتوصل الناس لاتفاق قضى برفع الإضراب ورفع العقوبات وإطلاق سراح المعتقلين.
واشترطت الجهات المتنفذه عدم قيام جمعيه عمومية يخاطبها المفرج عنهم خوفاً منها ووجلاً من تجمعات الأطباء ,حيث رأت في ذلك كسراً لهيبه مزعومة مدعاة.لكن الجمعية العمومية انعقدت في ستة منازل حيث تقاطرت جموع الأطباء على منازل المُفرج عنهم منذ صباح الجمعة الغراء في مشاهد تاريخية أكبر من أن توصف, أتى الأطباء بجموعهم رغم جراحاتهم ورغم أن الاتفاق دون الطموح بكثير لكنهم أتوا فرحاً بخروج إخوانهم, لا أستطيع هنا أن أوفي هذه الجموع حقها فلها منا كل الحب والود والتقدير ,ففي هذا اليوم شعر الأطباء بالعزة لكونهم أطباء وسأعود لهذه الجزئية لاحقاً.
نزل الأطباء عند حُكم الوافدين الجدد للوزارة ووساطة الجمعية الطبية السودانية علّ الحال ينصلح ,فقد أوفت لجنة الأطباء بما عليها ورفعت الإضراب, و أطلقت السلطات الأمنية المعتقلين , وبقي أن ترفع الوزارة العقوبات التي طالت العديد من الأطباء فلننظر كيف أوفت الوزارة بعهدها !؟.
فصلت الوزارة ومستشفياتها عدد 80 طبيب (R0 ).
تم إيقاف أطباء الامتياز الذين تم توزيعهم مؤخراً عن العمل إلى أجل غير مسمى رغم أنهم يحملون أرقاماً وظيفته ويحق لهم صرف مرتب.
تم نقل العديد من الأطباء العموميين تعسفاً خصوصاً في الولايات , والخصم من مرتباتهم بغير إجراء قانوني ومحاسبي.
وأوقفت مرتبات كل الأطباء ,ثم قالوا أنهم سيخصمون من المرتب الأساسي حسب اللوائح,لكن فوجئ الناس بخصم ثلاثة أرباع المرتب كاملاً إلي حين قام الأطباء بتحركهم الشهير داخل الوزارة يوم 20/7/2010م وفي مكتب الوزير ,ثم قدوم الوكيل وأمره بفك المرتب.
لازالت الوزارة تؤخر صرف مستحقات الأطباء لديها ومن ذلك :
*العلاوة الشخصية (التي يفترض أن تأتي متزامنة مع المرتب ) لشهري يونيو ويوليو.
*علاوة التدريب لشهري يونيو ويوليو.
*الحوافز العامة وحافز المناوبات التي أُتفق عليها سابقاً ولم تنفذ إلا في قليل من المستشفيات, علماً بأنه يوجد التزام من السيد رئيس مجلس التخصصات بسحب النواب من أي مستشفى لا يلتزم بمنشور الحوافز الصادر من الوزارة.
ولا يدري الأطباء سر مماطلة الوزارة وتسويفها في هذه المبالغ الزهيدة؟ حيث لا يعقل أن تراكم الوزارة هذه الاستحقاقات ولا تبدأ بصرفها إلا حين يدخل الأطباء في إضراب !!.
هذه السياسة السيئة التي اتبعتها الوزارة في المرات السابقة أدت إلى هجرة الكثيرين للخارج بعد أن يئسوا من من إنصلاح حال الوزارة , ولكن من بقي من الأطباء كلهم تصميم وعزم على أن تبلغ هذه الحركة نهاياتها وغاياتها من حيث إصلاح واقع الطب والطبيب في السودان مهما كلفهم ذلك من عنت ومشقة.
ولا يظنن ظان أن الإضراب الأخير هو نهاية المطاف.
فلا يزال صف الأطباء مرصوصاً , ولا تزال كلمتهم متحدة ومجتمعه في ذات الأهداف التي تعاهدوا وتواثقوا على تحقيقها في بيعتهم الشهيرة بميز أطباء الخرطوم , وإن كانوا قد خفت صوتهم في فترة الشهر ونصف الماضية فلإعطاء القيادة الجديدة للوزارة الفرصة الكافية لتصحيح الأخطاء السابقة وبدء صفحه جديدة تسفر عن واقع أفضل للطب والأطباء بالبلاد ,تبدأ بإرجاع المفصولين وتثبيت الحقوق التي ذكرتها أنفا وصرفها في أوانها وتمتد لمتابعة وتنفيذ مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي التي أجيزت في لجنة ب.أبوعائشه في مطلع العام القادم.ولا تنسى أمور التدريب والعلاج وبيئة العمل والسكن وغيرها مما رفعه الأطباء وفصلوه تفصيلاً في مذكرتهم لرئيس الجمهورية ثم مكاتباتهم مع وزاره الصحة.
حينها فقط يمكن للأطباء أن يغيروا نظرتهم السالبة (وهم محقون فيها) تجاه الوزارة ويبدأوا معها عهداً جديداً , إلا فإن سارت الأمور كما كانت في السابق فعلى الوزارة أن تستعد لإضراب أكثر قوه وضراماً تعقبه استقالات جماعية تريحنا وتريحهم من هذا العنت وتلكم المشقة.
أما عن أيام الاعتقال وكيفيته وفوائده (إن كان له فوائد) ورفقتنا مع أبوابي وجامع ومادا ر خلالها من مناظرات ومساجلات وطرائف وعن حال بقية الأخوه بكوبر وعن مواقف طلاب الطب الرائعة, وعن الإعلاميين الشرفاء من أمثال طه النعمان ومشاعر عبدا لكريم والطيب مصطفى ونجلاء سيد أحمد والإخوة في سودانيز أون لاين , وآخرين, مع غضنا الطرف عن الذين كتبوا تحت إغراء أو إملاء فهم أحقر من آن نريق فيهم حبراً من مدادنا.
وعن وقفة الأطباء المشرفة بمن فيهم غالبية أطباء المؤتمر الوطني. وعن حال اللجنة بعد الاعتقال ,وعن الأفاضل بروف عمار الطاهر ,و د.الطيب العبيد , ود.أنوار الكردفاني. وعن زيارة وزير ألدوله والوكيل للمعتقلين وعن إتحاد الهنا إتحاد الأطباء وعن حسابات الربح والخسارة في الإضراب السابق, عن كل ذلك وغيره نكتب ونحدث..فإلى المقال القادم بإذن الله.
د.احمد عبد الله خلف الله
الرهائن الستة
أطباء ودوله: من اعتقل من؟
توقفنا في المرة السابقة عند نقض الجهات الحكومية للاتفاق الذي تم بين لجنة الأطباء وإتحاد العمال وإتحاد الأطباء, وتحدثنا عن أن التنصل كان من حيث الأرقام التي انخفضت بنسبة40% للنواب والامتياز وبنسبة100% للأخصائيين والعموميين والذين كان نصيبهم من الزيادة صفراً.
وكذلك كان التنصل في أوان التنفيذ وجهته ,حيث قضى الاتفاق بشهر أبريل وعدلوا عنه إلي مايو,وكان الاتفاق أيضاً بأن يكون الصرف عبر وزارة الصحة ففوجئ الأطباء بتحويله إلي المستشفيات التابعة لوزارة الصحة مما قضى بألا يشمل الصرف من يعملون في مستشفيات أخرى كالسلاح الطبي والشرطة وسوبا على سبيل المثال علماً بأنهم من منسوبي وزارة الصحة.
و كان في ذلك خرق واضح ليس للاتفاق الذي تم معنا وحسب,بل حتى لمنطوق القرار الجمهوري الذي نص بوضوح لالبس فيه على أن تشمل المنحة جميع النواب وجميع أطباء الامتياز(راجع نص القرار).
وقد أتضح إن الوزارة تأخرت كثيراً في رفع توصيات الاتفاق لرئاسة الجمهورية (لاحظ أن القرار الجمهوري صدر يوم 29 مايو) ,نظراً لرأيها الذي كان همساً ثم استحال جهراً في أنها لم تكن طرفاً في اتفاق غندور ,بل سعت جاهدةً لإيقاف تنفيذه بحجة أنه لم يمر عبرها, ويذكر الناس في ذلك الحين ماشاع عن استقالة وكيل وزارة الصحة ثم عدوله عنها.
وبعدها لجأت الوزارة لحيلة أخرى لعرقلة تنفيذ الاتفاق بأرقامه الأولى فألحقت تكلفه تضم بقية العاملين بالحقل الصحي لم يكن هدفها رفع مستواهم المعيشي فهي لا تتجاوز ال20جنيهاً لكل واحد منهم ولكن لأن عددهم كبير فقد تضخم المبلغ المرفوع لوزارة المالية لعرقلة مسعى تحسين وضع الأطباء, وكذلك لم تكن أرقام الوزارة دقيقه فيما يخص أعداد الأطباء (راجع مكاتبات وكيل الصحة مع وزارتي المالية ومجلس الوزراء) فتارةً تجد عدد النواب3000 وأخرى3500,وغيرها مما هو متاح للإطلاع عليه لمن أراد أن يفهم أو أن يكتب على بصيرة لا على هوى أو تحت تأثير الدعاية الكاذبة والمراء الأجوف !.
ومع ذلك لم تحدث أي زيادة للعاملين بالحقل الصحي وفي ذات الوقت تم تقليل زيادات الأطباء !!! وهكذا نقض الاتفاق كما توقع الكثيرين لحظة رفع الإضراب السابق (أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم).
وكانت كل المؤشرات تدل على أن الأمور مع هؤلاء قد وصلت إلى طريق مسدود وأن الوضع سينفجر . ووضح أن من يمثلون الحكومة قد رضوا حينها بالاتفاق الغندوري تكتيكياً لحين عبور مرحلة الانتخابات (وهذه سمعناه من بعضهم) وفى فهمهم السقيم أن الأطباء لن تقوم لهم قائمه بعد الفوز الكاسح !!.
وهنا لطيفه ,حيث أن بعض المسؤلين كانوا يرمون لجنة الأطباء بأنها سياسية وإن كانت هذه في رأيي ليست تهمه, لكنها من الحيل التي حاولوا بها أن يحيدوا بعض الأطباء لينفضوا عن اللجنة,ولكن خاب ظنهم إذ ازداد تماسك الأطباء والتفافهم حول لجنتهم كالبنيان المرصوص, وأدرك الناس جميعاً من الذي يستخدم السياسة بعيداً عن الدين وبعيداً عن الأخلاق والأعراف الإنسانية.
رمونا بالسياسة وكأن المؤتمر الوطني الذي ينتمون إليه جمعيه تعاونيه هدفها توفير السكر والزيت عبر البطاقة التموينية !.
ومابين الإضراب ونقض الاتفاق قامت اللجنة بحركة وأسعه وسط قيادات الدولة والمجتمع المدني وحتى الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية سيما تلك ألقريبه من الحكومة وكذلك الطرق الصوفية وغيرهم ممن ظننا أنه
يمكن أن يسمع لهم رأي لدى الحكومة مملكةً لهم كل ملفات الأزمة, كما تم إخطار لجنة الجهود الخيرة .
وكان الاجتماع الذي سبق أن أشرت إليه في المقال السابق بيننا وإتحاد العمال وإتحاد الأطباء مفصلياً حيث أوضح فيه غندور الأرقام (التي ذكرت سابقاً تناقصها 3مرات في ظرف 3 أيام). وقال أنه لم يأت الآن ليفاوض كما كان في السابق (أي قبل الانتخابات) إنما هو هنا فقط ليخبرنا بها وقال بالحرف الواحد(take it or leave it) .
وأخطرناه ومن معه أننا سننقل مانكصوا عنه وأتوا به إلى قواعدنا, ولكن مبدئياً ليكن معلوماً لديهم أن هذه الأرقام مرفوضة ولايمكن لعاقل أن يقبل بها بعد كل هذه المجاهدات والمفاوضات, وإن التهديد بالاستفراد بالأطباء بعد الانتخابات لن يجدي مع قوم ليس لديهم ما يخسرونه, وقد يئسوا تماماً من هذا الواقع المهين المزري.
وأعلنا بعد ذلك لجمعيه عمومية يوم 19/5/2010م ثم أجلناها إلى يوم2/6/2010م لنرى ماذا سيفعل القوم حتى نهاية مايو وهل سيوفون حتى بأرقامهم الناقصة ؟.وبعد طول انتظار أنزلوا الزيادات المنقوصة للنواب فقط وفي بعض المستشفيات لا كلها.ولم تفق الجهات المعنية إلا قبل ميعاد الجمعية العمومية بأربعة أيام نشطت فيها الجمعية الطبية السودانية من خلال نفر مخلص من الأخصائيين بجهود حثيثة,حيث جمعتنا معهم لقاءات عديدة أوضحنا فيها تسلسل الاتفاقيات وأننا لم يعد لدينا مجال للتنازل إلا إذا كنا نقبل بالسياسة الإسرائيلية مع الفلسطينيين حيث يتم الاتفاق على شيء ثم يتم التفاوض لانتقاص ذلك الشيء , وأن القضية واضحة لالبس فيها وانه على اتحاد العمال واتحاد الأطباء الإدلاء بشهادتهم أمام الرأي العام حول الطرف الذي عرقل الاتفاق ولم يلتزم به سواء كان ذلك الطرف لجنة الأطباء أم الحكومة ومن يمثلها, ولكن من يجرؤ على الكلام؟.
وكان رأي الغالبية من أعضاء الجمعية الطبية أن اتفاق غندور يجب أن ينفذ كما هو وأن لجنة الأطباء محقه في التمسك بتنفيذه , وانه لابد من لقاء الجهات العليا ومخاطبتها في الأمر , وبعضهم طلب تأجيل الجمعية العمومية فأوضحنا لهم أنهنا تأجلت عن موعدها السابق , وأنه لا تلوح في الأفق بوادر إيجابية تقضي بتأجيلها , وأنها أي الجمعية العمومية هي صاحبة الحق في اتخاذ متراه مناسباً حيال نقض اتفاقها , وأن فترة ال 72 ساعة المتبقية على الجمعية كافيه للقاء الجهات العليا ولرد الظالم عن ظلمه وإلزام من عاهد بعهده, حتى وإن تأخر التنفيذ فليست لدينا مشكله,المهم عندنا أن يثبت حق الأطباء كما ورد في اتفاق غندور.
وأتضح لنا لاحقاً أنه قد حيل بينهم وبين الجهات العليا , ولا يحتاج القارئ لكثير ذكاء ليعلم من كان وراء ذلك.
المهم أن ما دار بيننا والجمعية الطبية بحضور أعضاء إتحاد الأطباء نقل بحذافيره للجهات الامنيه (وأيضا لا يحتاج احد إلى قليل ذكاء ليعلموا من قام بذلك).
استقر رأي الرهط ممن ولوا أمرنا (وياللمهزله)على حسم الأطباء أمنياً بعد فشل الوزارة في التعامل مع منسوبيها وذلك بعد أن زيّن لهم شيطان رأيهم أن ذلك سيمنع قيام الجمعية العمومية للأطباء وبالتالي سيمنع الإضراب الذي بدا خوف الجهات الناقضة للاتفاق منه واضحاً للعيان.
اجتمع من تولى كِبر هذا الأمر مع بعض الأطباء وصوروا لهم الآمر على أنهم لن يسمحوا بالإضراب القادم وأنه ضد الإنقاذ , وأنهم سيكسرون الجماجم كما كسروا آخرين من قبل وأن هؤلاء (العواليق) لن نعطيهم قرشاً واحداً !! لاحظ للغة لكن لا تعجب ,فكل إناء بمافيه ينضح!.
والحق يقال فقد قام نفرٌ من أطباء الحركة الاسلاميه بالمؤتمر الوطني وقالوا كلمة الحق في وجوههم فتم إسكاتهم, وسدر القوم في غيبهم وقال قائلهم أنهم سيعودون إلى عصر الحرجل والقرض ولن يحتاجوا إلى الأطباء ! ونسى سيادته أن معدته وأمعاءه ما عادت هي ذاتها التي كانت قبل واحد وعشرين عاماً إلا لما كانت تسممت من لبن الإبل في مخيم البطانة الشهير ناهيك عن أن تحتمل القرض والحرجل !!.
بعد ذلك تم اعتقال د. ولاء الدين ود.الهادي بخيت لفتره قصيرة ظهر يوم 1/6/2010م ثم أعيد إعتقال د.الهادي وفي مساء ذات اليوم تم اعتقال رئيس اللجنة د.أحمد ألأبوابي من منزله بعد يوم واحد من حديثه القوي في اجتماع اللجنة مع الجمعية الطبية بدار إتحاد الأطباء !.
وحتى ماقبل اعتقال ألأبوابي كانت خطة اللجنة للإضراب (والتي لم تكن معروفه للجهات الأخرى) أن يكون ثلاثة أيام من كل أسبوع لحين تنفيذ الاتفاق.
ولكن تغيرت الحسابات بعد اعتقال د.الهادي بخيت و د. الأبوابي.حيث اجتمعت الجمعية العموميه للأطباء بميز الخرطوم ثم بمستشفى الخرطوم حيث تمت فيه مخاطبة الجموع الغاضبة وتم الإعلان فيها عن إضراب مفتوح لا يرجع لخطته الأولى إلا بعد إطلاق سراح المعتقلين (رغم تحفظ بعض أعضاء اللجنه) إلا أن رأي الغالبيه كان أمضى.
واكتملت التعبئة بعد أن تحرك الأطباء إلى مجلس التخصصات وتمت فيه أيضاً مخاطبة كبرى وبعدها إتجه الأطباء للخروج من المجلس باتجاه مستشفى الخرطوم فووجهوا بإعتداء الشرطة عليهم بقيادة عقيد بعد أن أعطتهم الشرطة الأمان , فشهد شارع الحوادث وبوابة مستشفى الخرطوم أبشع صور الهمجية والبربرية في مواجهة الأطباء والطبيبات العُزل من أي سلاح سوى إيمانهم بالله وعدالة قضيتهم.
وبعد كل هذه الجراحات اقيمت مخاطبه أخرى داخل مستشفى الخرطوم تم التأكيد فيها على الإضراب الشامل حيث اتحدت كلمة الأطباء جميعاً حتى من كانوا مترددين بعد مشاهدتهم للإعتداءآت التي أصابت زملاءهم وزميلاتهم,وتم اعتقال عدد من الأطباء اقتيدوا إلي حراسات الشرطة وأفرج عنهم بعد حين.وتم بعدها اعتقال د.أشرف حماد من قبل القوات الأمنية وهو في طريقه لميز مستشفى الخرطوم, بعدها أخلى الأطباء مرغمين أماكن عملهم التي لم تعد آمنه في وقت قياسي أصاب القوم بالصدمة والحيرة, ولا أدري لماذا لم يهتدي صاحب القرض والحرجل حينها لأن يأتي بالعشابين ليغطوا الحوادث وخصوصاً حوادث الجراحة والنساء والتوليد, ليريحوه من قضية الأطباء والصداع الذي سببوه له.
ومن ثم تم حصار ميز الأطباء بقوات الأمن والشرطة, وضُيّق الخناق على جميع الأطباء وخصوصاً أعضاء لجنة الأطباء الذين أضحوا مطلوباً القبض عليهم لا لجرم جنوه ولا لمال عام سرقوه أو بددوه أواكتنزوه ولكن فقط لتصدرهم مطالبة الأطباء للدولة بتنفيذ ما أقره وكتبه ممثلوها بأيديهم(غلت أيديهم).
ومضى الأطباء لوحدهم في الساحة يقاومون كل هذا الصلف والجبروت.
ودعت اللجنة إلى اعتصام بوزارة الصحة لمحاصرة الوكيل في عقر داره حتى يتم إطلاق سراح المعتقلين وتنفيذ الاتفاق وكان ذلك يوم 6/6/2010م, ومن المضحك أن الوزارة بخيلها وخيلائها قد ارتعدت فرائصها من ذلك الاعتصام فأحاطت نفسها بالشرطة ومنعت دخول الناس إليها حتى موظفيها الذين استمتعوا بعطله سعيدة ذلك اليوم, ولكن اللجنة كانت أكثر ذكاءً حيث تم تحويل المكان إلى مستشفى الخرطوم فقامت مخاطبه كبرى وسط حشد كبير من الأطباء والطبيبات اللائي لم ترهبهن مشاهد الثلاثاء الدامية.
و بعد المخاطبة مباشره تم اعتقال دكتور محمود خير الله بعد مطاردته ودكتورة ناهد محمد الحسن.لكن ذلك لم يزد الأطباء إلا مزيدا من العزم والتصميم على المُضي في طريقهم.
رغم الخذلان من بعض الأسماء التي كان البعض يعُدها كبيرة فصغرت بصغر مواقفها وجبنها عن الصدع بكلمة الحق وقول شهادتها على الملأ. وبالمقابل ظهر آخرون من أبناء الجمعية الطبية السودانية ووقفوا مع إخوانهم وأبنائهم في لجنة الأطباء ويذلوا جهوداً وإتصالآت حثيثة كانت تصطدم بتعنت الطرف الآخر وصلفه وكبريائه الكذوب الذي مُرغ في التراب, منهم على سبيل المثال لا الحصر د.بابكر جابر كبلو ,بروف عمار الطاهر,د.الطيب العبيد,د.عبدا لله عبدا لكريم جبريل,د.أنوار الكردفانى,د.أبو بكر بشير, د.صلاح هارون ,د.عبالله محجوب, د.إلهام فتح العليم ,د.عبد المنعم الطيب ,د.يوسف الأمين ,د.أحمد السيد ود.صلاح عبد الرازق وغيرهم ممن لم تحضرني أسماؤهم (حسبهم أن يذكروا عند ربهم) , و لا ننسى أساتذة الطب بجامعة الخرطوم ومستشفى سوبا وعلى رأسهم د.سليمان حسين ود.سمير شاهين وغيرهم , لاعليهم إن جاءت النتائج بما يشتهون أو عكس ذلك فحسبهم أنهم يذلوا جهدهم (وعلى الله قصد السبيل).
وبالمقابل ظهرت أصوات كذوب من بعض المنتسبين للحقل الصحي المحسوبين على الأطباء حاولت تضليل قيادات الدولة والرأي العام بعدم تأثير الإضراب و أنهم قادرون على تغطيته, بل إن منهم من أعلن مراراً رفع الإضراب كأنه عمامة يرفعها من فوق رأسه ! ولكن وضح كذبهم وانكشفت سؤتهم, حيث علم المواطنون جميعاً ما حدث في المستشفيات في تلك الفترة التي هرب فيها المرضى من المستشفيات ولم يعد يقصدها إلا أشد المضطرين , تلك الفترة التي شهدت تساقط الأخصائيين الذين أُتي بهم لتغطية الحوادث والمناوبات, فكثرت حالات الإغماء والهبوط للكثيرين ممن طال عهدهم بالحوادث ومناوبتها (لكم الله إخوتي النواب وأطباء الإمتياز) ما علينا ,فقد تواصل الإضراب بقوه وتواصل أيضاً التضييق الأمني الغير مبرر من دوله بأكملها بقضها وقضيضها ضد أطبائها العزل.
فتم اعتقال الأخ د.عبدا لعزيز على جامع اختصاصي علم الأمراض , ورغم أن اعتقاله قد شق علينا في اللجنة كونه من الأخصائيين القلائل الذين علا صوتهم معنا بالحق حين خفضت أصوات الكثيرين, تمنينا لوا فتديناه ولو بمجموعة منا نحن النواب والعموميين والامتياز والطلبة :
فليتها إذ فدت عمراً بخارجةٍ فدت علياً بمن شاءت من البشر
ولكنها أقدار الرجال الذين تحملوا المسؤليه في هذا الزمان الصعب, فمن الناس من يحملون عبء الحياة وهمها ومنهم من تحمل الحياة عبأهم وهمهم,! فتخير من تكون.
أقول رغم ذلك فقد واصلنا في اللجنة مسيرتنا في قيادة دفة الأطباء وتمت ترتيبات داخل اللجنة استعدادا لتلك المرحلة العصيبة التي توقعنا أن يطال الاعتقال جميع أعضاء اللجنة, وبالفعل بعد يومين من اعتقال د.عبدالعزيز تم اعتقال د. أحمد عبدا لله خلف الله الذي كان تولى قيادة التفاوض بعد اعتقال الثلاثة (أبوابي, الهادي وعبد العزيز).
كان واضحاً أن أماكن التفاوض كان عبارة عن كمائن يتم فيها رصد ومطاردة أعضاء اللجنة ثم اعتقالهم لاحقاً , ولكن واجب المسؤليه كان يحتم على أعضاء اللجنة الذهاب إلى أي لقاء قد يسفر عنه إحقاق الحق مهما كانت محاذير ذلكم اللقاء.
مشيناها خطىً كُتبت علينا ومن كتبت عليه خطىً مشاها
وباعتقال د.أحمد عبدا لله خلف الله وصل عدد الأطباء المعتقلين إلى ستة أطباء ,أربعه منهم وضعوا في سجن كوبر , واثنان في مبنى الإدارة السياسية , مع ملاحظة أن الذين كانوا في كوبر لم يوضعوا في المعتقلات المخصصة للسياسيين حيث كان الفارق كبيراً بين معتقل ألأبوابي ومعتقل الترابي !!.
في خضم هذه الأحداث نشطت وسلطات ومبادرات عديدة استشعرت خطورة الوضع على الوطن والمواطن وعلى مستقبل مهنة الطب بالبلاد ,لكنها كالعادة كانت تواجه بتعنت من يملك منطق القوه لا قوة المنطق.
من ضمن تلك المبادرات ما بلغنا عن تحرك رعاه د.غازي صلاح الدين فقلت إن يكن في القوم عقل ورشد يطيعوه , فهو من وجهة نظري الشخصية من القلائل في صف الحكومة الذين أُحس فيهم بعضاً من نفس وسمت الإسلاميين القدامى من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه..فمنهم من قضى نحبه (وهؤلاء هم الأكثرية) ومنهم من ينتظر , وهؤلاء كما قال الأُول :
وقد كانوا إذا عُدوا قليلاً ً فقد صاروا أقلّ من القليل
تمنيت أن يأتي الحل الذي يقتضني تنفيذ الاتفاق بحذافيره على يديه لكن ما عسانا أن نفعل في بلد تسود فيه لغة السلخانات وقاع المدينة على لغة الدين والعقل والمنطق !!.
ثم كاد أن يصل الناس لإنفاق عبر الجمعية الطبية السودانية ولجنه من بعض أساتذة جامعة الخرطوم ومستشفى سوبا وضابط من الأمن برتبة اللواء (راجع نص الاتفاق ) كان من ضمن بنوده أن يتزامن رفع الإضراب مع إطلاق سراح المعتقلين , ورفعت لجنة الأطباء الإضراب وانتظرت الجموع إطلاق سراح المعتقلين دون جدوى فأعلن عن الإضراب مره أخرى وعادت الأزمة للمربع الأول.
وأضحى الأطباء المعتقلون (الستة) ورقه تساوم بها الجهات الرسمية الأطباء ولجنتهم لعلمها بأن الأطباء لن يتركوا إخوانهم المعتقلين ليدفعوا الثمن وحدهم , فسعوا لأن يكون المعتقلون كرت ضغط على الأطباء ليتنازلوا عن مطالبهم ويصبح كل همهم إطلاق سراح إخوانهم, فأصبح أصدق توصيف لحال المعتقلين لدي جهات الأمن أنهم ( رهائن ).
وكنت إلى وقت قريب أعتقد أن سلوكاً كهذا أجدر بالعصابات وقطاع الطرق لا الدول والحكومات, لكني ربما احتجت أن أراجع اعتقادي هذا!.
مضى الإضراب حتى مغيب شمس يوم الأربعاء 23/6/2010م حيث تم تدخل من وزير الصحة ووزير الدولة الجديدين وبوساطة من الجمعية الطبية التي عملت كوسيط بين الوزارة ولجنة الأطباء وتوصل الناس لاتفاق قضى برفع الإضراب ورفع العقوبات وإطلاق سراح المعتقلين.
واشترطت الجهات المتنفذه عدم قيام جمعيه عمومية يخاطبها المفرج عنهم خوفاً منها ووجلاً من تجمعات الأطباء ,حيث رأت في ذلك كسراً لهيبه مزعومة مدعاة.لكن الجمعية العمومية انعقدت في ستة منازل حيث تقاطرت جموع الأطباء على منازل المُفرج عنهم منذ صباح الجمعة الغراء في مشاهد تاريخية أكبر من أن توصف, أتى الأطباء بجموعهم رغم جراحاتهم ورغم أن الاتفاق دون الطموح بكثير لكنهم أتوا فرحاً بخروج إخوانهم, لا أستطيع هنا أن أوفي هذه الجموع حقها فلها منا كل الحب والود والتقدير ,ففي هذا اليوم شعر الأطباء بالعزة لكونهم أطباء وسأعود لهذه الجزئية لاحقاً.
نزل الأطباء عند حُكم الوافدين الجدد للوزارة ووساطة الجمعية الطبية السودانية علّ الحال ينصلح ,فقد أوفت لجنة الأطباء بما عليها ورفعت الإضراب, و أطلقت السلطات الأمنية المعتقلين , وبقي أن ترفع الوزارة العقوبات التي طالت العديد من الأطباء فلننظر كيف أوفت الوزارة بعهدها !؟.
فصلت الوزارة ومستشفياتها عدد 80 طبيب (R0 ).
تم إيقاف أطباء الامتياز الذين تم توزيعهم مؤخراً عن العمل إلى أجل غير مسمى رغم أنهم يحملون أرقاماً وظيفته ويحق لهم صرف مرتب.
تم نقل العديد من الأطباء العموميين تعسفاً خصوصاً في الولايات , والخصم من مرتباتهم بغير إجراء قانوني ومحاسبي.
وأوقفت مرتبات كل الأطباء ,ثم قالوا أنهم سيخصمون من المرتب الأساسي حسب اللوائح,لكن فوجئ الناس بخصم ثلاثة أرباع المرتب كاملاً إلي حين قام الأطباء بتحركهم الشهير داخل الوزارة يوم 20/7/2010م وفي مكتب الوزير ,ثم قدوم الوكيل وأمره بفك المرتب.
لازالت الوزارة تؤخر صرف مستحقات الأطباء لديها ومن ذلك :
*العلاوة الشخصية (التي يفترض أن تأتي متزامنة مع المرتب ) لشهري يونيو ويوليو.
*علاوة التدريب لشهري يونيو ويوليو.
*الحوافز العامة وحافز المناوبات التي أُتفق عليها سابقاً ولم تنفذ إلا في قليل من المستشفيات, علماً بأنه يوجد التزام من السيد رئيس مجلس التخصصات بسحب النواب من أي مستشفى لا يلتزم بمنشور الحوافز الصادر من الوزارة.
ولا يدري الأطباء سر مماطلة الوزارة وتسويفها في هذه المبالغ الزهيدة؟ حيث لا يعقل أن تراكم الوزارة هذه الاستحقاقات ولا تبدأ بصرفها إلا حين يدخل الأطباء في إضراب !!.
هذه السياسة السيئة التي اتبعتها الوزارة في المرات السابقة أدت إلى هجرة الكثيرين للخارج بعد أن يئسوا من من إنصلاح حال الوزارة , ولكن من بقي من الأطباء كلهم تصميم وعزم على أن تبلغ هذه الحركة نهاياتها وغاياتها من حيث إصلاح واقع الطب والطبيب في السودان مهما كلفهم ذلك من عنت ومشقة.
ولا يظنن ظان أن الإضراب الأخير هو نهاية المطاف.
فلا يزال صف الأطباء مرصوصاً , ولا تزال كلمتهم متحدة ومجتمعه في ذات الأهداف التي تعاهدوا وتواثقوا على تحقيقها في بيعتهم الشهيرة بميز أطباء الخرطوم , وإن كانوا قد خفت صوتهم في فترة الشهر ونصف الماضية فلإعطاء القيادة الجديدة للوزارة الفرصة الكافية لتصحيح الأخطاء السابقة وبدء صفحه جديدة تسفر عن واقع أفضل للطب والأطباء بالبلاد ,تبدأ بإرجاع المفصولين وتثبيت الحقوق التي ذكرتها أنفا وصرفها في أوانها وتمتد لمتابعة وتنفيذ مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي التي أجيزت في لجنة ب.أبوعائشه في مطلع العام القادم.ولا تنسى أمور التدريب والعلاج وبيئة العمل والسكن وغيرها مما رفعه الأطباء وفصلوه تفصيلاً في مذكرتهم لرئيس الجمهورية ثم مكاتباتهم مع وزاره الصحة.
حينها فقط يمكن للأطباء أن يغيروا نظرتهم السالبة (وهم محقون فيها) تجاه الوزارة ويبدأوا معها عهداً جديداً , إلا فإن سارت الأمور كما كانت في السابق فعلى الوزارة أن تستعد لإضراب أكثر قوه وضراماً تعقبه استقالات جماعية تريحنا وتريحهم من هذا العنت وتلكم المشقة.
أما عن أيام الاعتقال وكيفيته وفوائده (إن كان له فوائد) ورفقتنا مع أبوابي وجامع ومادا ر خلالها من مناظرات ومساجلات وطرائف وعن حال بقية الأخوه بكوبر وعن مواقف طلاب الطب الرائعة, وعن الإعلاميين الشرفاء من أمثال طه النعمان ومشاعر عبدا لكريم والطيب مصطفى ونجلاء سيد أحمد والإخوة في سودانيز أون لاين , وآخرين, مع غضنا الطرف عن الذين كتبوا تحت إغراء أو إملاء فهم أحقر من آن نريق فيهم حبراً من مدادنا.
وعن وقفة الأطباء المشرفة بمن فيهم غالبية أطباء المؤتمر الوطني. وعن حال اللجنة بعد الاعتقال ,وعن الأفاضل بروف عمار الطاهر ,و د.الطيب العبيد , ود.أنوار الكردفاني. وعن زيارة وزير ألدوله والوكيل للمعتقلين وعن إتحاد الهنا إتحاد الأطباء وعن حسابات الربح والخسارة في الإضراب السابق, عن كل ذلك وغيره نكتب ونحدث..فإلى المقال القادم بإذن الله.
د.احمد عبد الله خلف الله